قوله تعالى: ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأى العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار ) .
جاء في سبب نزول هذه أنه لما أصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا ببدر فقدم المدينة جمع اليهود وقال: يا معشر اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم ،فقد عرفتم أني نبي مرسل تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم .فقالوا: يا محمد لا يغرنك أنك لقيت قوما أغمارا{[409]} .لا علم لهم بالحرب فأصبت فيهم فرصة .أما والله لو قاتلناك لعرفت أنا نحن الناس ،فأنزل الله تعالى: ( قل للذين كفروا ) يعني اليهود{[410]} .يأمر الله رسوله صلى الله عليه و سلم أن يخبر اليهود أنهم سوف تحيق بهم الهزيمة لا محالة ،وأنهم سوف يغلبون في هذه الدنيا وتحل بدارهم قارعة الخزي ،ويوم القيامة لا جرم أن لهم من العذاب ما هو أشد وأنكى .وذلك هو عذاب جهنم ( وبئس المهاد ) المهاد: الموضع الذي يتمهد فيه وينام عليه كالفراش .قال الله تعالى: ( والأرض فرشناها فنهم الماهدون ) وبئس من البأساء وهو الشر والشدة .ذلك هو مصير الكافرين الذين يحاربون الله ورسول ويسعون في الأرض فسادا وتخريبا سواء كانوا من اليهود أو الصليبيين أو الوثنيين أو الماديين الملحدين ،لا جرم أن هؤلاء جميعا حصب جهنم ،فهم فيها يتحرقون ويتقاحمون في لظاها وسعيرها مثلما تتقاحم القردة .