الحقيقة الثالثة: تمحيص المؤمنين .وذلك في قوله: ( وليمحص الله الذين آمنوا ) والتمحيص معناه الاختبار والابتلاء .وقيل: التطهير والتصفية .فيكون المعنى ،أن الله قد ابتلى المؤمنين بما حصل لهم لكي يطهرهم من ذنوبهم فيخرجوا بعد الابتلاء مطهرين أنقياء من الذنوب .
الحقيقة الرابعة: محق الكافرين .يعني استئصالهم بالهلاك .وهو مقتضى قوله تعالى: ( ويمحق الكافرين ) من المحق والتمحيق وهو في اللغة الإبطال والمحو{[600]} وتأويل قوله: ( وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) أن الله تعالى جعل الأيام مداولة بين المسلمين والكافرين ،فإن حصلت الغلبة للكافرين على المؤمنين كان المراد تمحيص ذنوب المؤمنين ،وإن كانت الغلبة للمؤمنين على هؤلاء الكافرين كان المراد محق آثار الكافرين ومحوهم .فقابل تمحيص المؤمنين بمحق الكافرين ؛لأن تمحيص هؤلاء بإهلاك ذنوبهم نظير محق أولئك بإهلاك أنفسهم .وهذا من قول الزجاج{[601]} .