قوله تعالى: ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين ) التبشير إخبار المرء بما يسره من خير .
وقوله: ( بكلمة منه ) أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله ،أي يقول له"كن "فيكون .وهو قول أكثر المفسرين .وقيل: بكلمة منه ،أي برسالة من الله وخبر من عنده .وهو من قول القائل: ألقى إليّ فلان كلمة سرني بها ،بمعنى أخبرني خبرا فرحت به .كما قال تعالى: ( وكلماته ألقاها إلى مريم ) يعني بشرى الله مريم بعيسى ألقاها إليها .وقيل: بكلمة منه هي اسم لعيسى سماه الله بها .وهو قول ابن عباس وهي أن الكلمة هي عيسى المسيح .
أما كلمة ( المسيح ) فهي اسم مشتق في قول الأكثرين من العلماء وأهل اللغة .وثمة وجوه ذكرها العلماء في سبب تسمية عيسى بالمسيح منها:
أولا: لكثرة سياحته ،إذ كان يمسح الأرض أي يقطعها .
ثانيا: لأنه كان مسيح القدمين لا أخمص لهما ،أي أنه كان ممسوح الأخمصين .والأخمص هو ما دخل من باطن القدم فلم يصب الأرض{[469]} .
ثالثا: لأنه كان إذا مسح أحدا من ذوي العاهات برئ بإذن الله تعالى .
رابعا: لأنه مسح من الأوزار والآثام .
خامسا: لأنه كان ممسوحا بذهن طاهر مبارك يمسح به الأنبياء لا يمسح به غيرهم .وقيل غير ذلك{[470]} .
قوله: ( وجيها في الدنيا والآخرة ) أي ذا وجاهة وشرف ومكانة عالية عند الله في الدنيا بفضل النبوة وما كتب الله له من مزايا وخصائص مميزة كخلقة من غير أب وكلامه وهو في المهد ونحو ذلك .وهو في الآخر من أولي العزم من الرسل ( ومن المقربين ) .