قوله تعالى: ( ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ) هذه الأخبار من أستار الغيب ،أي مما يخفى من أخبار القوم التي لم تطلع عليها أنت يا محمد ولا قومك ،ثم أوحى الله بها إليك لتكون حجة لك على نبوتك وصدق ما جئتهم به .
وقوله: ( نوحيه إليك ) أي ننزله إليك وحيا ،أي عن طريق الوحي ،وأصل الإيحاء إلقاء الموحي إلى الموحى إليه ،وذلك قد يكون بكتاب أو إشارة أو إيماء أو إلهام .
قوله: ( وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم ) أي ما كنت يا محمد عندهم فتعلم ما نعلمك به من أخبارهم التي لم تشهدها ،لكنك إنما تعلم ذلك بإعلامنا لك به كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم حيت اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها ؛وذلك لرغبتهم في الأجر ( إذ يلقون أقلامهم ) أي سهامهم التي استهم بها المستهمون من بني إسرائيل على كفالة مريم .
قوله: ( وما كنت لديهم إذ يختصمون ) كانت مريم ابنة إمامهم وسيدهم فتشاحّ عليها بنو إسرائيل ،فاقترعوا بسهامهم أيهم يكفلها ،فقرعهم زكريا وكان زوج خالتها ،وقيل: زوج أختها ،وذلك بعد اختصامهم فيها أيهم أحق بها وأولى{[468]} .