قوله تعالى: ( قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) لما أخبرت الملائكة ببشارة الله لها بولدها المسيح قالت في تعجب واستفهام .( أنى يكون لي ولد ) يعني من أي وجه يكون لي الولد مع أنني لست بذات زوج ولست عازمة على الزواج وليست بغيا –حاشا لله- فأجابها الملك عن الله عز وجل ( كذلك الله يخلق ما يشاء ) يعني هكذا يخلق الله منك ولدا لك من غير مسيس ؛وذلك كيما يكون آية للناس وعبرة .والأصل في ذلك واضح ظاهر لا يحتمل الجدل أو الثرثرة أو الخصام ،وهو أن الله يخلق ما يشاء سواء في ذلك خلق عيسى من غير أب ،أو خلق آدم من قبله من غير أب ولا أم .وليس في ذلك من مدعاة لعجب ،فالله جل وعلا خالق كل شيء ولا يعز عليه أن يصنع أي شيء ،وإنما يقع ذلك كله أو يتحقق عقيب إرادته سبحانه وأمره قال: ( كن فيكون ) .