قوله تعالى: ( لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) ( تنالوا ) ،من النوال ،وهو العطاء .فقوله: ( تنالوا ) أي تعطوا
و ( البر ) معناه الجنة .وقيل: العمل الصالح ،و ( تنفقوا ) منصوب بأن المضمرة بعد حتى لانتهاء الغاية .
والمعنى الذي دل عليه ظاهر هذه الآية أن أحدا لن يعطى الجنة أو يكون في عداد الأبرار والصالحين حتى يبذل في وجوه الخير والإحسان من أفضل أمواله ،فهو بذلك يعمد في همة وسخاء إلى الإنفاق من كرائم أمواله لا يصده عن ذلك شح ولا أثره .
أما المراد بالإنفاق المطلوب ،فقيل: أراد به الزكاة المفروضة .وقيل: كل شيء أنفقه المسلم من ماله مبتغيا به وجه الله .وقيل: البر كل عمل صالح وهو في تقديري الصواب ،خلافا للقول بأنه الزكاة المفروضة ؛لأن هذه من أحكامها أن لا تؤخذ من كرائم أموال الناس ،أما في الآية هذه فثمة استنهاض للهمة والمشاعر ؛كيما يسخو المسلم فيبذل مما يحب ،أي من خير ما يعجبه ويهواه من ماله .
قوله: ( وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم ) أي مهما تنفقوا من شيء فتصدقوا به من أموالكم فإن الله يعلمه وهو مجازيكم عليه{[519]} .