قوله تعالى: ( إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ) المراد بذلك أن هؤلاء الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يصدقوا بما جاء به من عند الله ،سواء كانوا من اليهود أو النصارى أو غيرهم من ذوي الملل الكافرة ثم ماتوا عل حالهم من الكفر والجحود ،فلن يقبل منهم يوم القيامة جزاء ولا فدية ترد عنهم العذاب ،ولو كان ذلك ملء الأرض ذهبا ،والفدية معناها العوض والجزاء من المفتدى منه ،وملء ،ملا يملأ الشيء ،أو ما يأخذه الإناء إذا امتلأ{[517]} وقوله: ( ذهبا ) منصوب على التمييز .
أما الواو في قوله: ( ولو افتدى به ) فثمة تفصيل في معناها .فقد قيل: الواو زائدة فيكون المعنى للآية: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا لو افتدى به .
وقيل: إنها للعطف ،والتقدير: لو تقرب إلى الله بملء الأرض ذهبا لم ينفعه ذلك مع كفره ،ولو افتدى من العذاب بملء الأرض ذهبا لم يقبل منه .وقيل غير ذلك{[518]} .
قوله: ( أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ) بعد أن بين الله حال هؤلاء المرتدين الجاحدين من الإياس المطبق وأنهم لا يرجى لهم غفران أو توبة ولو افتدوا أنفسهم من العذاب بما يملأ الدنيا ؛فإنه جل ثناؤه يؤكد أنه لا خلاص لهؤلاء من عذابه ،وليس لهم من أحد يعينهم أو ينقذهم من الويل الذي حاق بهم أو يدرأ عنهم العذاب الذي يحيط بهم .