قوله:{وَمَا أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ} أي لا تستطيع أن تسدد إلى صواب المحجة من أعماه الله فضل عن سبيله وسلك سبيل الباطل .وهذه حقيقة الكافرين الذين يجحدون الحق ويحادّون الله ورسوله ويكذبون بمنهج الإسلام ويتصدون له بالمكائد والدسائس والمؤامرات والتشكيك أولئك المجرمون بور قد عموا عن رؤية الحق رؤية استبصار وتدبر ،وصَموا عنه صمم الشاردين المستكبرين الموغلين في اللجاجة والعناد .أولئك جميعا لا يستطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهديهم إلى الحق ،فيهتدوا ،أو يرشدهم إلى محجة الإسلام فيرشدوا .وكذلك لا يستطيع الداعون إلى منهج الإسلام في كل زمان ومكان أن يحملوا المكابرين والمعاندين من الجاحدين على القناعة والتصديق ؛لأن هؤلاء أولوا أذهان وإرادات وهمم مسلوبة ،فما يجنحون بعد ذلك إلا للهوى والفسق والباطل .
وعلى هذا ،فإنه حقيق بالمؤمنين الداعين إلى منهج الإسلام في كل زمان أن يجتهدوا في دعوة الطيبين من الناس ،أولي الفطر السوية والطبائع السليمة ؛أولئك المبرأون من الخلل والعيوب النفسية والفطرية ،لا جرم أن هؤلاء المبرأين من عيوب النفس وأمراضها مهيأون وحدهم لاستقبال العقيدة الإسلامية ،وتدبر التعاليم والمعاني التي جاء بها هذا الدين الحنيف .
قوله:{إِن تُسْمِعُ إِلَّا مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ} أي لا تُسمع يا محمد سماع تصديق وتدبُّر إلا الذين آمنوا بآياتنا ؛فهؤلاء مصدقون موقنون أن الذي جئتهم به حق ؛فهم يبادرون السماع والانتفاع بخير ما يسمعون ؛لأنهم مستسلمون لأمر الله ،مذعنون له بالخضوع والطاعة .
أما غلاظ الطبائع ،قساة القلوب من المعاندين العتاة فإنهم لا يستجيبون لدعوتك لهم ،ولا يصيخون لندائك إياهم بأنهم أشرار قد فسدت فيهم الفطرة وجنحت فيهم الطبائع والعقول .