قوله تعالى:{وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ( 55 ) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 56 ) فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يَنفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} .
ذلك إخبار عن هول من أهوال القيامة إذا قامت ،فحينئذ{يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ}{الْمُجْرِمُونَ} هم الذين فرطوا في دينهم وزاغوا عن منهج الله الحكيم وآثروا الاعوجاج على الاستقامة والهدى ؛أولئك ينالهم من الرعب والذعر واليأس ما ينالهم ،وهم إذا عاينوا شدائد القيامة ولمسوا فظائعها وفوادحها الثقال راحوا يحلفون-وهم واهمون- على أنهم{مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} أي يحلفون أنهم لم يلبثوا في قبورهم غير ساعة قصيرة عابرة من نهار ،أو أنهم لم يلبثوا في الدنيا غير ساعة .وذلك لسرعة انقطاعها وزوالها ،وقيل: يحلفون كاذبون .وهذه حالهم في الكذب في الدنيا ،وكذلك يكذبون في الآخرة .
وهو قوله:{كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} ،يُصرفون .أفكه عن رأيه: أي صرفه ،ورجل أفاك: أي كذاب{[3627]} والمعنى: مثل ذلك الصرف كانوا يُصرفون عن الحق أو الصدق في الدنيا .أي كانوا يكذبون ويصدون عن دين الله وهو الحق .