{ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ} أي عقب خلقه من طين جعله سويا مستقيما على ما ينبغي من حسن الهيئة والصورة ثم نفخ فيه بعد ذلك من روحه تشريفا له ،وتعريفا بقدره ،وإشعارا بأنه مخلوق عجيب مميز ومفضل على كثير من الخلائق .
قوله:{وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ}{وَالْأَفْئِدَةَ} ،بمعنى القلوب ،فالله يمنّ على عباده بما أنعم به عليهم من عجيب النعم وهي كثيرة .ومن جملتها السمع ؛فهو يعي بسمعه المواعظ والعبر ،وينتفع بما يطرقه من كلمات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ويلين قلبه وحسه وجوارحه إذا تدبر القرآن وهو يتلى على مسمعه بنظمه الخارق الباهر ،وإيقاعه المثير المذهل .
وكذلك الأبصار ليرى بعينيه ما خلق الله من عجائب المشاهد ة المنظورة في الطبيعة من سهول ووهاد وبحار وأنهار ،وأشجار وأزهار .كذلك الأفئدة ،وهي العقول ،قد جعلها الله للإنسان ،ليتفكر بها ويميز بها الحق من الباطل ،والصواب من الاعوجاج .
قوله:{قليلا ما تشكرون} أي تشكرون شكرا قليلا ،بدلا من دوام الشكر منكم لله على ما منّ به عليكم من جزيل النعم{[3674]} .