قوله:{وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى}{بِالَّتِي} في موضع نصب خبر ما{[3818]} و{زُلْفَى} وزلفة بمعنى القربة والمنزلة ،و{زُلْفَى} ههنا اسم مصدر ،كأنه قال: بالتي تقربكم عندنا إزلافا{[3819]}
يخاطب الله – جلت قدرته – المترفين الجاحدين المكذبين – على سبيل التوعّد والتهديد – بأن أموالكم هذه التي تفاخرون بها وكذلك أولادكم الذين تُباهون بهم الناس ،كل ذلك لا يقربكم منا أيما قربة ،ولا يقرِّبكم منا سوى الإيمان الصحيح والعمل الصالح المخلص ،وهو قوله سبحانه:{إِلاَّ مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} أي إنما يقربكم عندنا زلفى الإيمان بالله إيمانا صحيحا مقرونا بعمل الصالحات .وفي الخبر مما رواه أحمد عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ".
وقيل: المعنى أن من آمن وعمل صالحا فلن يضرّه ماله وولده في الدنيا فالمؤمنون الذين يعملون الصالحات تقرِّبُهم أموالهم وأولادهم إلى الله ،وذلك بطاعتهم لله فيما أوتوا وبأدائهم حق الله فيما أعطاهم من أموال .
قوله:{فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا} الضعف في كلام العرب بمعنى المثل ،وهذا هو الأصل ،ثم استعمل الضعف في المثل وما زاد ،وليس للزيادة حد .أي أن الضعف زيادة غير محصورة{[3820]} فالمعنى: أن جزاءهم أن تضاعف لهم حسناتهم ،الواحدة عشرا أو أكثر .
قوله:{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آَمِنُونَ} المؤمنون الذين يعملون الصالحات جزاؤهم يوم القيامة أن يقيموا في الغرفات من الجنة ،وقيل: إنها غرف من الياقوت والدّر يقيم فيها الذين كتبت لهم السعادة والنجاة ليكونوا فيها آمنين من الموت أو العذاب أو الأسقام والأحزان .