{وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} مما قد يوحي به كلامكم الذي تؤكدون فيه أنكم لستم بمعذبين ،لأنكم أكثر أموالاً وأولاداً ،فكيف تفكرون بهذه الطريقة ؟وكيف يمكن أن يقرّب الله إنساناً لكثرة أمواله وأولاده ،مع أنه هو الذي أعطاه ذلك كله ،وهو الذي قسم العطايا بين خلقه ،فكيف يميزهم بالقيمة ،ما ميّزهم به من حيث الحكمة والبلاء ،لا من حيث المنزلة والمقام ،فلا يميز الله عبداً عن غيره في أيّ موقع من المواقع{إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} فأعطوا الله من جهدهم الفكري ما جعلهم أقرب إليه في عقولهم وقلوبهم من خلال الإيمان بوجوده ،والإخلاص لتوحيده ،ومن جهدهم الجسدي ما جعلهم أقرب إليه في نشاطهم العملي الذي يراعي تقوى الله{فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ} الذي يتضاعف فيه الثواب تبعاً لقيمة الجهد المبذول ،لا سيما ما يواجهه المؤمن من جهاد النفس ،في التحديات الداخلية في حاجاته وغرائزه ،ومن جهاد العدو في التحديات الخارجية التي يفرضها خصوم الرسالة وأعداؤها{بِمَا عَمِلُواْ} من الأعمال الصالحة ،لأن الله جعل ثوابه تابعاً للعمل في حياة الناس ،{وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ} أي في غرفات الجنة ،وهي البيوت العالية فيها ،وقد تكون كنايةً عن علوّ الدرجة{آمِنُونَ}َ لا يصيبهم فيها سوء ولا خوف مما كانوا يحذرون منه في الدنيا ،لأن الجنة هي دار السلام والاطمئنان والاستقرار الأبدي .