قوله:{وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ} أي وكذلك الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانها .فالناس فيهم السود والبيض والسمر .وفيهم أولو بشرة صفراء وحمراء ،وفيهم ما بين ذلك من الألوان وكذلك الدواب: جمع دابة ،وهي كل حيوان دبّ على الأرض{[3866]} ،والأنعام من باب عطف الخاص على العام .والمراد بها الإبل والبقر والغنم .فذلك كذلك ألوانه مختلفة كاختلاف ألوان الناس .والهاء في قوله:{أَلْوَانُهُ} تعود على موصوف محذوف وتقديره: خَلْق مختلف ألوانه .و{أَلْوَانُهُ} مرفوع على أنه فاعل لاسم الفاعل ،{مُخْتَلِفٌ}{[3867]} .
على أن ما ذُكر في الآية من إخراج الثمرات بألوانها وطعومها وروائحها المختلفة ،وما في الجبال من طرائق مختلفة الأشكال والألوان ،فإن ذلك كله يدل على قدرة الصانع الحكيم ذي القوة والجلال والملكوت الذي تذعن له القلوب والنواصي بالخشية والخضوع والطاعة والعبادة .
قوله:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} أولئك أهل النباهة والفطانة والتقوى الذين آمنوا بالله ورسوله ،وأيقنوا بالمعاد في اليوم الآخر وأن الله جامع الناس ليوم لا ريب فيه .أولئك الذين يخشون الله ويحرصون أشد الحرص على طاعته والتزام أوامره وشرائعه سبحانه .
قال ابن عباس في تأويل الآية: العالم بالرحمن من عباده من لم يشرك به شيئا وأحل حلاله وحرّم حرامه وحفظ وصيته وأيقن أنه ملاقيه ومحاسب بعمله .
وقال الحسن البصري: العالم من خشي الرحمن بالغيب ورغب فيما رغَّب الله فيه ،وزهد فيما سخط الله فيه .
وقال الزمخشري في تأويل الآية: المراد بالعلماء به الذين علموه صفاته وعدله وتوحيده ،وما يجوز عليه وما لا يجوز ،فعظموه وقدروه حق قدره وخشوه حق خشيته .
قوله:{إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ} الله قوي ذو بأس شديد ،قاهر للعصاة والمستكبرين .ومنتقم من الطغاة المتجبرين .وهو سبحانه غفار لذنوب عباده التائبين المستغفرين{[3868]}