قوله:{أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآَهُ حَسَنًا} مَن: اسم موصول في محل رفع مبتدأ وخبره محذوف دل عليه قوله:{فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} فيكون المعنى: أفمن زيّن الشيطان له سوء عمله من الكفر والمعاصي فرآه حسنا ،إذْ حسب سيئ ذلك حُسنا ،وقُبْحه جميلا ،ذهبت نفسك عليهم حسرات ؛فالله جل وعلا نهى رسوله صلى الله عليه وسلم عن شدة الاغتمام بكفر قومه وظلمهم ،وعن فرط حزنه عليهم بسبب شركهم وإعراضهم ع توحيد الله .وقيل: نزلت في مشركي قريش ؛إذْ أعرضوا عن دين الله وصدوا عن سبيل الله وتمادوا في حب الأصنام وعبادتها .
قوله:{فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} الله الهادي إلى سواء السبيل ؛فهو سبحانه يوفق من يشاء للهداية والرشاد ،ويخذل من يشاء عن الإيمان ،لحكمة مكنونة لا يعلمها إلا هو سبحانه{فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}{حَسَرَاتٍ} ،منصوب على وجهين .أحدهما: أنه مفعول له .وثانيهما: أنه مصدر{[3842]} والمعنى: لا تهلك نفسك حزنا واغتماما على كفرهم وضلالهم وتكذيبهم لك .
قوله:{إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} ذلك تخويف من الله للعباد .فالله جلت قدرته يعلم ما يصنعه العباد ؛إذ لا يخفى عليه من أفعالهم شيء وهو سبحانه مطلع على ما يصنعه المشركون الضالون الذين زيّن لهم الشيطان سوء أعمالهم ،فالله يجازيهم بذلك سوء الجزاء{[3843]} .