قوله تعالى:{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ ( 81 ) إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 82 ) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} .
ذلك برهان من الله للمشركين والمرتابين والمنافقين الذين يكذبون بيوم القيامة ،وما فيها من بعث للموتى وتلاقيهم في الحشر للحساب .برهان ظاهر ومعقول تعيه القلوب والفِطَر وتستيقنه الأذهان والمدارك .برهان ساطع وميسور لا لبس فيه ولا تعسير{أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} ومعلوم لكل ذي عقل أن السماوات والأرض شيء عظيم .بل إنهما في غاية السعة والضخامة وذلك بما فيهما وما بينهما من خلائق وكائنات وأشياء لا تحصى عددا .وكذلك ما يشدهما ويجمعهما ويؤلف بينهما من نظام كوني مذهل ونواميس أساسية مركوزة لا تتخلف .كل أولئك يدل على عظمة السماوات والأرض وأن خلقهما يفوق تصور البشر .أفليس الذي خلق ذلك بقادر على خلق الإنسان من جديد ،وإعادته كرة ثانية بعد الموت .بل إن خلْقَ الإنسان مرة أخرى وإحياؤه من الرميم والرفات يوم المعاد لهو أهون وأصغر من خلْق هذا الكون الهائل الشامل المديد .
قوله:{بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ} ذلك جواب من الله يدفع فيه تخريص الكافرين المكذبين بيوم الدين ،ويؤكد فيه قدرته على الإعادة في يوم المعاد .فهو سبحانه{الْخَلاَّقُ} صيغة مبالغة لكثرة مخلوقاته{الْعَلِيمُ} عليم بكل شيء وعليم بخلق الكائنات وخلْق الإنسان ولا يفوت علمه من ذلك شيء .