وقوله: ( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما ) ذلك استفهام يتضمن تقريرا .ذلك أن الله سبحانه ليست له حاجة في تعذيب الناس إلا مجازاة العصاة منهم ،وهم إذا ما كفروا فإن ذلك لا ينقص من ملكوت الله شيئا ،وهو سبحانه لا يعبأ بالخلق من حيث إيمانهم أو إشراكهم وجحودهم .وعلى هذا فما الذي ينال الله من تعذيبه للعباد ؟إنه لا يناله من ذلك شيء ،والناس إن آمنوا أو لجوا في الكفر فكل ذلك عنده سواء .قال صاحب الكشاف في تأويل: ( ما يفعل الله بعذابكم ..) أي شيء يفعل الله سبحانه بسبب تعذيبكم أيتشفى به من الغيظ ،أم يدرك به الثأر ،أم يستجلب نفعا ؟أو يستدفع به ضررا كما هو شأن الملوك وهو الغني المطلق المتعالي عن أمثال ذلك ؟وإنما هو أمر أوجبته الحكمة أن يعاقب المسيء{[848]} .والله جلّت قدرته يشكر عباده على طاعته فيثيبهم عليها .