وقوله: ( رسلا مبشرين ومنذرين ) رسلا منصوب على البداية من قوله: ( رسلا ) السابقة .وقيل: منصوب على المدح بفعل مقدر وتقديره أمدح رسلا{[859]} .هؤلاء الذين ذكرتهم الآية من المرسلين قد بعثهم الله هداة للبشرية ليخرجوهم من الظلمات إلى النور ،ولينقذوهم من ظلام الجاهلية والمادية إلى نور العلم والتوحيد .
ووظيفة المرسلين التبشير والتنذير وذلك بما يناسب أصناف البشر على اختلافهم من حيث الإيمان والتقوى ،أو من حيث الكفران والضلالة ؛وذلك كله كيلا يكون للناس حجة على ربهم فيتذرعوا بالأسباب والترهات كأن يقولوا ما نزل علينا كتاب من السماء نقرأه ،وما جاءنا من نذير ولا سمعنا من أحد يوقفنا على الحقيقة ويدعونا إلى منهج الله القويم وصراطه المستقيم .والكلمتان ( مبشرين ومنذرين ) كلتاهما نعت منصوب للبدل قبلهما .
أما وقد بعث الله للناس من بينهم رسلا كي يأمروهم ويحذروهم وينهوهم ،ولكي يبينوا لهم دينهم الذي يصلح عليه حالهم ومآلهم ويكونوا به سعداء كرماء ،فقد أصبح الناس أنفسهم محجوجين وأن الحجة لله عليهم ،فلا يلومن هؤلاء بعد ذلك غير أنفسهم .
وقوله: ( وكان الله عزيزا حكيما ) إن الله سبحانه لهو صاحب العزة والقوة والجبروت ،وهو لا يقوى على النيل منه أي كائن ،وهو كذلك ذو الحكمة فيما يحكم أو يقضي وفيما يقدر أو يريد ،ولا يصدر ذلك كله إلا عن حكمته البالغة التي لا يحيط بها إلا هو تقدست أسماؤه .