{ رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما}
/م163
في هذا النص الكريم بيان لعمل الرسل ، والحكمة من بعثهم ، وقد أرسل هؤلاء مبينين الحق داعين إليه ، يبشرون الطائعين بحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، وينذرون العاصين بسوء العقبى ، وإن واتاهم نفع في الدنيا فالعذاب الأليم يستقبلهم في الآخرة .
وكان بعث الرسل لكي يكون الذين يعصون على علم بما يستقبلهم والذين يطيعون على بينة بأوامر ربهم ويكون الذين يعذبون ليس لهم عذر من جهل ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:{ لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} . أي لكي يسقط كل اعتذار للعصاة في عصيانهم بعد البيان الحكيم والإرشاد المبين فمن ضل فعن بينة ، والله سبحانه برحمته وفضله ومنه يسمي ذلك حجة عليه .{ لا يسأل عما يفعل وهم يسألون( 23 )}( الأنبياء ) .
وقد قال المعتزلة:إن لله دائما الحجة على خلقه بالعقل الذي أودعه خالقهم ، وهو هاد مرشد ولكن إرسال الرسل رحمة من الله تعالى ، ولذا قال الزمخشري في تفسير النص:الرسل منبهون من الغفلة وباعثون على النظر كما يرى علماء أهل العدل والتوحيد( أي المعتزلة ) مع تبليغ ما حملوه من تفصيل أمور الدين ، وبيان أحوال التكليف وتعليم الشرائع فكان إرسالهم إزاحة للعلة وتتميما لإلزام الحجة لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له .
والحق أن الناس لا يهتدون في جملتهم إلى الشرائع الصحيحة ، بل هم بعدها مراتب منهم من يهتدون بمجرد بيان الحق ، ومنهم من لا يقنعون إلا بالبرهان الملزم ومنهم من لا يطيعون إلا بالتهديد ومنهم عصاة جائرون بائرون .
وقد ختم سبحانه الآية بقوله{ وكان الله عزيزا حكيما} أي أنه القادر الغالب على كل شيء وهو الحكيم الذي يدبر الأمر بحكمته وعزته .