قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 ) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31 ) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} .
ذُكر عن ابن عباس قوله: نزلت هذه الآية الكريمة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه .وذلك أن المشركين قالوا ربنا الله ،والملائكة بناته ،وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا .وقال أبو بكر: ربنا الله وحده لا شريك له ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله فاستقام .وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي معنى{اسْتَقَامُوا} ففي صحيح مسلم عن سفيان ابن عبد الله الثقفي قال: قلت: يا رسول الله ،قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ،قال:"قل: آمنت بالله ثم استقم "وروي عن أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) أنه قال:{ثم استقاموا} لم يشركوا بالله شيئا .وقيل: استقاموا على أداء فرائضه وأخلصوا له الدين والعمل .
قوله:{تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ} أي تتنزل عليهم عند الموت ،وقيل: إذا قاموا من قبورهم .وقيل: البشرى للمؤمنين في ثلاثة مواطن: عند الموت ،وفي القبر ،وعند البعث .
قوله:{أَلاَّ تَخَافُوا} تقول لهم الملائكة على سبيل البشرى لهم: لا تخافوا الموت .أو لا تخافوا ما أنتم قادمون عليه في الآخرة .أي لا تخافوا ما أمامكم{وَلاَ تَحْزَنُوا} على ما بعدكم ،أو على ما خلَّفتموه في دنياكم من الأهل والولد والمال ،فإنا نخلفكم فيه .
قوله:{وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} تبشرهم الملائكة بما وعدهم الله به في الآخرة من النعيم المقيم في الجنة جزاءً بما عملوا في الدنيا من أوْجُه الطاعة والاستقامة .