قوله تعالى:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ( 33 ) وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ( 34 ) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ( 35 ) وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} .
تتضمن هذه الآية تنديدا بالمشركين الذين تواصوا باللغو في القرآن ،وتوبيخا لهم فيقول الله لهم مُوبخا معنِّفا: أي الكلام أحسن من القرآن ؛وهو الكلام الرباني الفذ الذي يهدي الناس إلى سواء السبيل ويستنقذهم من الضلال والعثار والباطل إلى نور الهداية والاستقامة والحق ؛إذ قال سبحانه:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} والمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقد دعا الناس إلى دين الحق وعقيدة التوحيد والتبرؤ من الوثنية والأباطيل ،وكان الحسن إذا تلا هذه الآية يقول: هذا رسول الله ،هذا حبيب الله ،هذا ولي الله ،هذا صفوة الله ،هذا خيرة الله ،هذا والله أحب أهل الأرض إلى الله ،وقيل: نزلت في المؤذنين .والصحيح أنها عامة في كل من دعا إلى الله فدعا الناس إلى عبادة ربهم وحده ومجانبة الأنداد والشركاء دونه ،والإذعان له بالطاعة والخضوع .
قوله:{وَعَمِلَ صَالِحًا} أي أدى الفرائض وفعل الواجبات والمندوبات واجتنب المحرمات والمحظورات{وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أعلن مجاهرا بأنني من المستسلمين لأمر الله ،المذعنين له بتمام الخضوع والطاعة ،المقرين له بالوحدانية فلا نعبد إلا إياه ولا نذعن لشيء من الملل أو المناهج أو الأناسي سواه ،فهو الإله الذي تخرُّ له الجباهُ والنواصي ،وتلين له القلوب والمشاعر وتَضْرع إليه البصائر خاشعة متذللة .