قوله:{واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتّم} يقول الله لأصحاب رسوله صلى الله عليه وسلم: اعلموا أيها المؤمنون أن فيكم رسول الله فهو بين أظهركم والله يخبره أنباءكم فتفتضحون فاحذروا أن تفتروا الكذب وتتقوّلوا ما هو زيف وباطل فإن الله منبئ به نبيه .ولو كان رسول الله يعمل بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون وتبتغون{لعنتّم} أي لأصابكم الإثم ونالكم المشقة والجرح .وذلك من العنت وهو الإثم والخطأ والمشقة{[4287]} وذلك كما لو قبل النبي من الوليد بن عقبة قوله في بني المصطلق أنهم قد ارتدوا ومنعوا الزكاة وجمعوا جموعهم لقتال المسلمين ،فقاتلهم النبي والمؤمنون وأصابوا من دمائهم وأموالهم بغير حق فلكان قد نالهم من الله العنت وهو الإثم والحرج والمشقة .
قوله:{ولكن الله حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم} يخاطب الله عباده المؤمنين الصادقين المخلصين ليبين لهم ما امتن به عليهم من النعم ،وهو الإيمان .فقد رسخ الله في قلوبهم الإيمان وجعل ذلك في قلوبهم محببا{وزينه في قلوبكم} أي حسنه في قلوبكم تحسينا لتذوقوا به حلاوة العقيدة والقوى{وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان} أي بغض الله الجحود والشرك لعباده المؤمنين الصادقين المخلصين فجعله بغيضا إلى قلوبهم .وكذا الفسوق وهو الخروج عن طاعة الله والتلبّس بالخطيئة والعصيان ،كل ذلك بغيض – بفضل الله – إلى قلوب المؤمنين المتقين المخبتين لله بالطاعة والإنابة .
قوله:{أولئك هم الراشدون} المتصفون بالرشد وهو الاستقامة على طريق الحق ،فهم ساربون على طريق الله المستقيم ،ومتبعون منهجه الرباني القويم غير زائغين ولا متعثرين .