قوله تعالى:{ياأيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الأخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} .
نهى الله عباده المؤمنين عن موالاة المغضوب عليهم من اليهود .وقيل: إن أناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المسلمين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم فنهاهم الله عن ذلك .فليس لمسلم بعد ذلك أن يصانع الكافرين على اختلاف مللهم وأديانهم أو يوادهم ويلاطفهم وهم يظهرون العداوة والكراهية للإسلام ،ويعلنون على المسلمين الحرب والمناهضة لإضعافهم وإذلالهم .
قوله:{قد يئسوا من الأخرة} يئس هؤلاء الكفار أن يكون لهم حظ في الآخرة لعنادهم وجحدهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه عندهم في التوراة .قوله:{كما يئس الكفار من أصحاب القبور} في تأويل ذلك قولان .
أحدهما: كما يئس الأحياء الكافرون من قراباتهم الذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد أن ماتوا ،لأنهم ينكرون البعث ويكذبون بيوم التلاق .
ثانيهما: كما يئس الكفار الذين في القبور من كل خير أو منجاة .لأن الكافرين إذ ماتوا وأيقنوا أنهم خاسرون وعاينوا منازلهم في النار حينئذ يبلسون وييأسون من كل خير{[4521]} .