قوله:{يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} يريد المنافقون بذلك أنهم هم الأعزاء أي الأشداء والأقوياء .وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أذلاء .وقائل ذلك عبد الله بن أبيّ وهو رأس المنافقين في المدينة وهم راضون عن مقالته هذه وهي: لئن رجعنا من هذه الغزوة إلى المدينة{ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين} ذلك إعلان من الله كبير ،يبينه للناس ،وهو أن القوة والمنعة والغلبة لله وحده ولمن يكتبها له من عباده المرسلين والمؤمنين .فلا ريب أن الله لهو القوي القادر القاهر الغالب وأن أولياءه من النبيين والصالحين أقوياء في يقينهم وعزائمهم وهممهم وإرادتهم .فليست العزة بكثرة المال أو الجاه وإنما العزة بقوة العقيدة الراسخة والإيمان الوطيد ،وما ينشأ عن ذلك من طمأنينة ويقين يجدهما المؤمن في قلبه فيستشعر بذلك .يرد السكينة والرضى .وبغير ذلك لا يكون الناس إلا واهمين واهنين مهزومين .
قوله:{ولكن المنافقين لا يعلمون} المنافقون بسبب ضلالهم وفساد قلوبهم ،الجاحدة لا يوقنون أن العزة لله وحده ولرسوله والمؤمنين .فهم إنما يظنون أن العزة إنما سببها متاع الحياة الدنيا وزينتها من المال والأولاد والجاه{[4548]} .