قوله تعالى:{من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأوليك هم الخاسرون} ذلك إخبار من الله أن الهداية والإضلال بيده سبحانه ؛فالله يهدي من يجاهد ليهتدي ،قوله سبحانه:{والذين جاهدوا فينا لنهديهم سبلنا} وكذلك يضل الله من يبغي لنفسه الضلال ويولي مدبرا عن الحق المستبين وعن دلائل الهدى والإيمان ؛فيغلق قلبه وعلقه عن إدراك الصواب والحقيقة .
وأساس المسألة هنا أن الإنسان كائن مميز باستعداده المزدوج لكلا الهدى والضلال ؛فقد أودع الله فيه القدرة والاستعداد لفعل كل من الخير والشر .يضاف إلى ذلك كله علقه الذي يميز الحق من الباطل .وكذلك فطرته التي بنيت على التوحيد أو الإيمان بالله وحده ؛فغنه في ضوء ذلك كله يجد الإنسان نفسه في إحدى السبيلين وهما سبيل المؤمنين وسيبل المجرمين الخاسرين وكل منها يحيط به قدر الله ومشيئته بالهداية والإضلال .فلا يهتدي أو يضل ضال من غير أن يكون في فلك المشيئة الإلهية{[1583]} .