قوله تعالى:{ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 19 فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين 20 وقاسهما إني لكما لمن الناصحين} .
بعد أن أخرج الله إبليس من الجنة وأهبطه الأرض صاغرا مهينا ،قال لآدم وزوجه حواء:{اسكن أنت وزوجك الجنة} .وذلك من السكن ،بالتحريك وهو الرحمة والبركة .ومنه السكينة ؛أي الطمأنينة والوداع والوقار{[1353]} فقد أمرهم الله بالبث في الجنة ليستقرا فيها آمنين مطمئنين ،تحف بهما الراحة والرحمة وتجللهما الوداعة والطمأنينة ؛إذ يمكثان في خير معاش وأكرم حياة مما لا يتصور بشر .حياة حافلة بالهناءة واليمن والاستقرار .يضاف إلى ذلك كله ما تشتهيه أنفس بني آدم وهو الطعام بأصنافه وأشكاله على اختلاف طعومه ومذاقه ؛فقد أتاح الله لآدم وزوجه أن يأكلا مما شاءا من الجنة بكل أنعمها وخيراتها باستثناء شجرة معينة نهاهما عن الأكل مما شاءا من الجنة بكل أنعمها وخيراتها باستثناء شجرة معينة نهاهما عن الأكل منها نهيا باتا مؤكدا ؛إذ قال ك{ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين} أي فتصير من الذين ظلموا أنفسهم بالعصيان والمخالفة عن أمر الله .
أما نوع الشجرة أو اسمها فغير معلوم على نحو قطعي مجزوم ،لوروده في الآية مبهما لإطلاقه ؛فهو غير مخصص ولا مبين .وكل الذي نعلمه في هذه المسألة أن المنهي عن قرابة أو الأكل منه إن هو إلا شجرة .وما يقل من تأويلات في نوعها وحقيقتها ليس إلا ضربا من الظن الذي لا يغني ،فضلا عن أن الخوض في مثل ذلك لا يغني ولا يجدي ولا يزيد من أهمية القصة شيئا ولو كان في الحديث عن اسم الشجرة ما يجدي أو ينفع لبينه الله سبحانه .