قوله:{قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو} يخاطب الله آدم وحواء وذريتهما أو أن المخاطب آدم وزوجه وإبليس .وهو الأولى ،لظاهر العداوة المتأصلة بين بني آدم وإبليس .فقد أمرهم الله جميعا بالهبوط من الجنة إلى الأرض كيما يعيشوا فيها جيلا بعد جيل ،وأمة إثر أمة طيلة هذه الدنيا{بعضكم لبعض عدو} في موضع نصب على الحال .أي أن العداوة ثابتة ومركوزة ومستقرة بين ذرية آدم وجنود إبليس فلا تزول البتة .الصراع بينهم دائم ومستمر فلا ينقطع ولا يفتر حتى تزول هذه الدنيا .وذلكم هو الصراع بين الحق والباطل ،أو بين الخير والشر .صراع محتدم وحرور لا يفنى ولا يتبدد .ولسوف يظل أهل الحق يكابدون بسببه أشد المكابدة ويلاقون على الطريق من أجله كل ظواهر العدوان والشر والعنت مما يكيده لهم إبليس وأتباعه وجنوده من مختلف ألوان التآمر والتأليب والمكر .ولسوف تبقى الحال بالمسلمين الداعين إلى الله على هذه الحال من احتدام الصراع واشتداد القراع ومرارة الاحتمال والتصدي حتى يرث الله الأرض ومن عليها .
قوله:{ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين} المستقر موضع الاستقرار أي لكم قرار في الأرض تستقرونه ،وفراش تمتهدونه في حياتكم وبعد مماتكم حتى تقوم الساعة حيث الحساب والجزاء .أما المراد بالمتاع إلى حين فهو استمتاعهم في حياتهم إلى انقطاع الدنيا{[1359]} .