قوله تعالى:{و نادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين 44 الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون} .
بعد أن يستقر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار ،ينادي أصحاب الجنة أصحاب النار .وصيغة الماضي{و نادى} لتحقق الوقوع ؛وهو أن هذا الكلام واقع لا محالة يوم القيامة ،إذ ينادونهم تبكيتا لهم وزيادة لهم في التحسير والالتياع{أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا الحق فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا} أن مخففة من الثقيلة .وقيل: مفسرة .وحقا ،منصوب على الحال .وقيل: مفعول ثان لوجدنا ؛أي أننا نحن المؤمنين الطائعين لله قد ألفينا ما وعدنا الله إياه على ألسنة رسله من نعيم الجنة وسعادتها جزاء تصديقنا وطاعتنا له دون سواه .وجدنا حقا وصدقا .وتلكم هي الجنة التي وعدنا الله إياها ننعم فيها نعيم الآمنين المطمئنين إلى أبد الآبدين ،فهل ألفيتم ما وعدكم الله على ألسنة رسله من العذاب والهوان في مقابل جحدوكم وتكذيبكم وعصيانكم ؟هكذا يخاطب أهل الجنة أهل النار ،على ما بينهما من المفاصلة الفارقة الكبرى ؛إذ المخاطبون –بالكسر- في الجنة آمنون محبورون .والمخاطبون –بالفتح- في النار يسجرون تسجيرا ويواجهون كل ألوان الخزي والهوان والنار تلفح وجوههم الكالحة المسودة .فيا لهول الموقف ،ويا لفداحة الويل والثبور!!
قوله:{قالوا نعم} أي وجدنا ذلك حقا .وذلك إقرار ذليل من الظالمين الخاسرين ،وهم يحيط بهم الإحساس بالحسرة الغامرة والإياس الكامل ؛لفرط ما يستحوذ عليهم في ذلك اليوم من شدة الهول والفزع .
قوله:{فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين} أي نادى مناد من الملائكة بين الفريقين وهما أهل الجنة وأهل النار{أن لعنة الله على الظالمين} أن مخففة من الثقيلة أو مفسرة ؛أي أن غضب الله وسخطه على من كفر به أشرك معه في العبادة آلهة أخرى وعصى أمره وضل عن سبيله .وذلك مما يزيد في اغتمام أهل النار واستحسارهم وما يطوقهم من الذعر والهم والهوان .