قوله:{وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا} يعني لما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم{يدعوه} أي يعبده ،وذلك ببطن نخلة حين كان يصلي ويقرأ القرآن كان الجن حين استمعوا القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم{يكونون عليه لبدا} أي يركب بعضهم بعضا ازدحاما حرصا على سماع القرآن .أو كانوا يزدحمون عليه متراكمين إعجابا بما سمعوه من القرآن الذي لم يروا كمثله ولم يسمعوا بنظيره من الكلام كله .أو تعجبا مما رأوا من عبادته ( عليه الصلاة والسلام ) واقتداء أصحابه في القيام والقعود والركوع والسجود .
وقيل: لما قام نبي الله يعبد الله وحده مخالفا بذلك المشركين في عبادتهم كاد المشركون يركب بعضهم بعضا فيكونون عليه أعوانا متمالئين ليطفئوا نور الله ويفنوه .واللبد ،هو الشيء الذي بعضه فوق بعض .
ويذكرنا ذلك بكراهية الكافرين جميعا للإسلام ولقرآن الله الحكيم فهم لا ينقطعون ولا يفترون عن الكيد للإسلام في كل زمان ،إذ هم متعاونون متمالئون ما بينهم على تدمير الإسلام برمته كيلا يبقى منه غير الأثر .لكنه بالرغم من كل مكائد الظالمين وتمالئهم على استئصال دين الله الإسلام ،فإن هذا الدين ما فتئ يشيع في الآفاق ويطرق القلوب بقوة يقينه وسطوع نوره المشعشع .