قوله تعالى:{ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق 50 ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظالم للعبيد} أي لو عاينت يا محمد هؤلاء الكفرة وهم تتوفاهم الملائكة ؛لرأيت ما يروع القلب ويرعب الوجدان مما يجده هؤلاء العصاة المجرمون من فظاعة التنكيل والإيلام حال انتزاع أرواحهم ؛إذ الملائكة{يضربون وجوههم وأدبارهم} والمراد بأدبارهم استاههم .على أن انتزاع الأرواح من الكافرين في ذاته غاية الإيلام والفظاعة ،ثم يضاف إلى ذلك ضربهم على وجوههم واستاههم زيادة في الإيجاع والتنكيل .وعن الحسن البصري قال: قال رجل: يا رسول الله إني رأيت بظهر أبي جهل مثل الشراك{[1676]} .قال ( ذاك ضرب الملائكة ) .
قوله:{وذوقوا عذاب الحريق} وهذا قول الملائكة للظالمين الخاسرين لدى انتزاع أرواحهم من أجسادهم بغلظة وفظاظة ،فضلا عن ضربهم بمقامع الحديد المحماة على وجوههم واستاههم .لا جرم أن ذلك تفظيع لحال هؤلاء الأشقياء سواء كان ذلك في الدنيا ؛إذ تنتزع الملائكة أرواحهم بقسوة ،أو كان في يوم القيامة حيث الويل واشتداد الأهوال وعظائم الأمور!نسأل الله العفو والنجاة والرحمة في المقامين .