القول في تأويل قوله:وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (50)
قال أبو جعفر:يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:ولو تعاين، يا محمد، حين يتوفى الملائكةُ أرواحَ الكفار، فتنـزعها من أجسادهم, تضرب الوجوه منهم والأستاه, ويقولون لهم:ذوقوا عذاب النار التي تحرقكم يوم ورودكم جهنم. (49)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
16200- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد قوله:(إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم)، قال:يوم بدر.
16201- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن سليم, عن إسماعيل بن كثير, عن مجاهد:(يضربون وجوههم وأدبارهم)، قال:وأستاههم، ولكن الله كريم يَكْنِي. (50)
16202- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي, حدثنا سفيان, عن أبي هاشم, عن مجاهد, في قوله:(يضربون وجوههم وأدبارهم)، قال:وأستاههم، ولكنه كريم يَكْنِي. (51)
16203- حدثني محمد بن المثنى قال، حدثنا وهب بن جرير قال، أخبرنا شعبة, عن يعلى بن مسلم, عن سعيد بن جبير في قوله:(يضربون وجوههم وأدبارهم)، قال:إن الله كنى, ولو شاء لقال:"أستاههم ",وإنما عنى ب "أدبارهم "، أستاههم.
16204- حدثنا القاسم قال:حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد قال:أستاههم، يوم بدر =قال ابن جريج، قال ابن عباس:إذا أقبل المشركون بوجوههم إلى المسلمين، ضربوا وجوههم بالسيوف. وإذا ولّوا، أدركتهم الملائكة فضربوا أدبارهم.
16205- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا عباد بن راشد, عن الحسن قال:قال رجل:يا رسول الله، إني رأيت بظهرأبي جهل مثل الشراك! (52) قال:ما ذاك؟ قال:ضربُ الملائكة.
16206- حدثنا محمد قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا إسرائيل, عن منصور, عن مجاهد:أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:إني حملت على رجل من المشركين فذهبت لأضربه, (53) فنَدرَ رأسُه؟ (54) فقال:سبقك إليه الملك.
16207- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال:حدثني حرملة:أنه سمع عمر مولى غفرة يقول:إذا سمعت الله يقول:(يضربون وجوههم وأدبارهم)، فإنما يريد:أستاههم. (55)
* * *
قال أبو جعفر:وفي الكلام محذوف، استغني بدلالة الظاهر عليه من ذكره, وهو قوله:"ويقولون "، (ذوقوا عذاب الحريق)، حذفت "يقولون ",كما حذفت من قوله:وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا[سورة السجدة:12]، بمعنى:يقولون:ربنا أبصرنا. (56)
-----------------------
الهوامش:
(49) انظر تفسير "التوفي "فيما سلف 13:35 ، تعليق 5 ، والمراجع هناك .
وتفسير "الأدبار "فيما سلف 13:435 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك .
وتفسير "الذوق "فيما سلف 13:528 ، تعليق 2 ، والمراجع هناك .
وتفسير "الحريق "فيما سلف 7:446 ، 447 .
(50) الأثر:16201 - "يحيى بن سليم الطائفي "، ثقة ، مضى برقم:4894 ، 9788 ، وكان في المطبوعة:"يحيى بن أسلم "، وهو خطأ محض ، والمخطوطة مضطربة الكتابة . و "إسماعيل بن كثير الحجازي "، ثقة ، مضى برقم:8929 .
(51) في المطبوعة:"ولكن الله "، وأثبت ما في المخطوطة .
(52) "الشراك "، سير النعل الذي يكون على ظهرها .
(53) انظر ما أسلفت في تفسير "ذهب يفعل "، فيما سلف 11:128 ، تعليق:1 ، ثم 11:250 ، 251 ، وص 250 تعليق:1 .
(54) "ندر الشيء "سقط . يقال:"ضرب يده بالسيف فأندرها "، أي قطعها فسقطت .
(55) الأثر:16207 - "حرملة بن عمران التجيبي "، ثقة ، مضى برقم:6890 ، 13240 . و "عمر ، مولى غفرة "، هو "عمر بن عبد الله المدني "، أبو حفص ، ليس به بأس ، كان صاحب مرسلات ورقائق . مترجم في التهذيب وابن أبي حاتم 3 1 119 .
(56) انظر معاني القرآن للفراء 1:413 .