قوله:{ثم أنزل الله السكينة على رسوله وعلى المؤمنين} أي بعد أن زلزل المسلمون لما أصابهم من هول المباغتة واشتداد الكرب ،أنزل الله عليهم ما يسكنهم ويثبت قلبوهم بالرحمة والطمأنينة ،فمكثوا ثابتين أشداء لا يروعهم الفزع ولا جموع المشركين .
قوله:{وأنزل جنودا لم تروها} أي أنزل الملائكة ليكونوا مع المؤمنين في ساحة القتال يشتدون أزرهم ويقوون من بأسهم وعزيمتهم ،ويضعفون الكافرين بالتخذيل والتجبين من حيث لا يراهم أحد .وفي هذا الصدد قال الإمام أبو جعفر ابن جرير عن أبي جميلة الأعرابي قال: سمعت عبد الرحمن مولى أم برثن قال: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين ،قال: لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين لم يقوموا لنا حلب شاة ،قال: فلما كشفناهم جعلنا نسوقهم في أدبارهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء ،فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال: فتلقانا عنده رجال بيض حسان الوجوه ،فقالوا بنا: ( شاهت الوجوه ،ارجعوا ) فانهزمنا وركبوا أكتافا{[1746]} .
قوله:{وعذاب الذين كفروا وذالك جزاء الكافرين} أي عذاب الله الكافرين في الدنيا بالقتل والإذلال والهزيمة على أيدي المسلمين .وهذا جزاء كفرهم وجحودهم ومحاربتهم لله ولرسوله وللمؤمنين .