/م25
{ ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين} السكينة اسم للحالة والهيأة النفسية الحاصلة من السكون والطمأنينة ، وهي ضد الاضطراب والانزعاج ، وتطلق كما في المصباح على الرزانة والمهابة والوقار .والمعنى أن الله تعالى أفرغ من سماء عزته وقدرته سكينته اللدنية على رسوله بعد أن عرض له ما عرض من الأسف والحزن على أصحابه عند وقوع الهزيمة لهم ، على أنه ثبت كالطود الراسي نفسا ، ولم يزدد إلا شجاعة وإقداما وبأسا ، وعلى المؤمنين الذين ثبتوا معه وأحاطوا ببغلته- وقليل ما هم في ذلك الجيش اللهام- كما يعلم هذا وذاك من الروايات الصحيحة الآتية ، ثم على سائر المؤمنين الصادقين فأذهب روعهم ، وأزال حيرتهم واضطرابهم ، وعاد إليهم ما كان زال أو زلزل من ثباتهم وشجاعتهم ، ولا سيما عند ما سمعوا نداءه صلى الله عليه وسلم ونداء العباس يدعوهم إلى نبيهم بأمره كما يأتي ، وإنما قال:( وعلى المؤمنين ) ولم يقل وعليكم لأن الخطاب للجماعة ، وفيهم بقية من المنافقين وضعفاء الإيمان كما تقدم ، وستأتي شواهده في الروايات الصحيحة .فيا لله العجب من هذه الدقة في بلاغة القرآن .
{ وأنزل جنودا لم تروها} أي وأنزل مع هذه السكينة جنودا روحانية من الملائكة لم تروها بأبصاركم ، وإنما وجدتم أثرها في قلوبكم ، بما عاد إليها من ثبات الجأش ، وشدة البأس .
{ وعذّب الذين كفروا} بالقتل والأسر والسبي ، وذلك منتهى الغلب والخزي .
{ وذلك جزاء الكافرين} في الدنيا بكفرهم ما داموا يستحبون الكفر على الإيمان ويعادون أهله ويقاتلونهم عليه ، كما وعدكم فيمن بقي منهم بقوله من هذا السياق أو البلاغ{ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم} [ التوبة:14] الآية .ويدخل في هذا الجزاء من كان حاله مثل حال أولئك الكافرين في قتال من كان على هدي أولئك المؤمنين إلى يوم الدين .
/خ27