قوله تعالى:{انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون}{خفافا وثقالا} ،منصوب على الحال{[1788]} .ذلك تحريض بالغ على رفض العدوان والظلم أن يصيب المسلمين فيؤذيهم أو يذلهم .إنه تحريض قائم مجلجل يهتف بالمسلمين في كل مكان وزمان لكي يرفضوا الضيم لأنفسهم فيدرأوه درءا ويدفعوه بكل الأسباب من غير تردد في ذلك ولا نكوص .
إن على المسلمين –بناء على هذه الآية ونظائرها من الآيات في هذا الصدد- أن يلتئموا جميعا ليكونوا يدا واحدة على من سواهم من المعتدين المتربصين الذين يتحرشون بالمسلمين ليطغوا عليهم أو يبيدوهم إبادة .وليس أدل على التحريض البالغ لصد المعتدين من هذا القول الرباني الهاتف المؤثر{انفروا خفافا وثقالا} فقد أمر الله المسلمين بالنفر في أحوال والثقل ليجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم .وتأويل الخفة والثقال هنا موضع خلاف ؛فقد قيل: المراد بالخفة هنا الشباب .أما الثقل فيراد به الشيخوخة ؛أي انفروا شيبا وشبانا ،أو شيوخا وشبانا ،أو كهولا وشبانا .وقيل: أغنياء وفقراء .وقيل: نشاطا وغير نشاط .وقيل: ركبانا ومشاة .وقيل: مشاغيل وغير مشاغيل .
قوله:{ذالكم خير لكم إن كنتم تعلمون} يعني هذا الذي أمرتكم به من النفر في سبيل الله خفافا وثقالا للقاء العدو مجاهدين بأموالكم وأنفسكم لهم أنفع لكم من الركون للاسترخاء والدعة والنكول عن الجهاد{عن كنتم تعلمون} إن كنتم تعون وتدركون أهمية الجهاد في سبيل الله وفداحة الخطر الداهم الذي سيحيق بكم إذا نكلتم وتقاعستم عن الجهاد{[1789]} .