قوله:{ولا تصل على أحد منهم أبدا} نزلت هذه الآية في شأن الصلاة على عبد الله بن أبي بن سلول ؛فقد أخرج الإمام أحمد بإسناده عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) يقول: لما توفي عبد الله بن أبي دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه .فقام إليه ،فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت: يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا كذا وكذا –يعدد أيامه ؟ - قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ،حتى إذا أكثرت عليه قال: ( أخر عني يا عمر .إني خيرت فاخترت .قد قيل لي:{استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} لو أعلم أني لو زدت على سبعين غفر له لزدت ) قال: ثم صلى عليه ومشى معه وقام على قبره حتى فرغ منه .قال: فعجبت من جرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال: فوالله ما كان يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان{ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} الآية ،فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل .فيستدل من ذلك على عدم الصلاة على المنافق الذي يظهر للمسلمين أنه منهم ولكنه يكتم في قلبه الكفر .
قوله:{ولا تقم على قبره} كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دفن الميت وقف على قبره ودعا له بالتثبيت ؛فقد روي أبو داود بإسناده عن عثمان بن عفان ( رضي الله عنه ) قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت ؛فإنه الآن يسأل ) .
قوله:{إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} وهذا تعليل لترك الصلاة على المنافقين أو القيام على قبورهم .وهو أنهم كانوا يخفون في صدورهم الكفر بالله ورسوله ولم يتوبوا عن ذلك ،بل ظلوا على حالهم من الكفر والجحود حتى ماتوا{وهم فاسقون} أي ماتوا وهم خارجون من ملة الإسلام مفارقون أمر الله ورسوله{[1865]} .