{وَلأجْرُ الآخرةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ} لأن أجر الدنيا زائل ،مهما كان كبيراً وعظيماً ،بينما يشمل أجر الآخرة كل حياة الإنسان في النعيم الخالد ،في رحاب الله التي لا نهاية زمنية لامتدادها .
وهذا ما ينبغي للمؤمنين أن يفكروا به ،كهدفٍ كبيرٍ من أهداف تضحياتهم الكبرى ،وذلك بأن يحصلوا على ثواب الله في الآخرة ،لأنه الثواب الباقي ،ولا يجعلوا من ثواب الدنيا كل همّهم بل بعضاً من ذلك ،فالإخلاص لله لا ينفي أن يطلب الإنسان الدنيا من الله ،كما يطلب الآخرة منه ،لأن سرّ العبودية هو أن تخضع لله ،باعتباره المرجع الوحيد لك في كل طلباتك ،دون فرق بين أن تكون طلباتك للدنيا أو للآخرة ،مع التأكيد على القيمة الكبيرة لثواب الآخرة مقابل ثواب الدنيا .وبذلك يحقق الإيمان العملي لحياة الإنسان التوازن بين حاجات الجسد ،وأشواق الروح ،ويحتوي تطلعاته ،في آفاق الدنيا ،ورحاب الآخرة ،فلا يعزله عن اهتمامات الدنيا ،شريطة أن تكون مرتبطة خطاً وهدفاً بالآخرة ،كقيمة تحكم الواقع لتبعث فيه الروح وتمنع عنه التجمد في نطاق المادة .
ولا بد للمؤمنينمن ناحية أخرىأن يضعوا في حساباتهم بأن القرب من الله ،والتمتع بفيض رحمته وإحسانه ،يتوقف على أن يعيش الإنسان الإحسان في قوله وفي عمله ،لأن الله يجازي الإحسان بالإحسان ،فلا يمنع رحمته عن المحسنين .