{أَفَأَصْفَاكُمْ}: أفخصّكم .
القول العظيم
في هذه الآيات حديثٌ عن مسألة الشرك والتوحيد ،في التصورات الخرافية لدى المشركين المعاصرين للنبي ( ص ) ،وفي أجواء اللامبالاة التي يعيشها هؤلاء إزاء التعاليم التي يثيرها القرآن في عقولهم ،فيرفضونها من دون وعيٍ أو مناقشةٍ أو التفاتٍ إلى الأدلة التي تقود إلى التوحيد كحقيقةٍ ثابتةٍ ،لا مجال لإنكارها لأيّ شخصٍ يواجه الكون كله بنظرةٍ منفتحةٍ تطوف في رحابه ،فيجد كل مظاهره في حركة وعيٍ تكوينيٍّ توحي بحمد الله وتسبيحه والخضوع له في كل شيء .
{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِنَاثًا} في ما تحملونه في مفاهيمكم من احترام الذكر واحتقار الأنثى ،فتقولون إن الملائكة بنات الله ،بينما تؤثرون أنفسكم بالبنين ،فكيف تبررون هذا الكلام ؟فإذا كان الله خالق كل شيء ،فكيف يكرمكم بما لا يكرم به نفسه ،إذا كان ذلك في تصوركم أساساً للتكريم ؟ثم لماذا يتخذ الله لنفسه إناثاً أو ذكوراً بعنوان الولد ،وهو رب كل شيء ،والغني عن كل أحد ،فما حاجته إلى الولد ؟إن هذا القول لا يملك أيّ معنى في مضمونه ،ولا يرتكز على أي دليل في إثباته .هذا بالإضافة إلى ما يشتمل عليه من الخطورة في الجرأة على الله ،والإساءة إلى مقامه العظيم .{إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيمًا} في نتائجه الخطرة على مستوى الانحراف في التصور ،والهلاك في المصير .