آثار الشرك ضلال العقول
إنهم يجرون وراء الأوهام ويقفن ما ليس لهم به علم ، فيدعون ما لا دليل عليه من نقل ولا من عقل ، ومن ذلك أن جعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثا ، وكان ذلك غريبا لأن مؤداه أنه سبحانه اصطفى لهم البنين ، وجعل له الإناث وهذا غير معقول في ذاته ؛ لأن الناس في شئونهم العادية يؤثرون أنفسهم بالخير ويختارون لغيرهم دونه ، وكذلك قال سبحانه وتعالى في استفهام إنكاري:
{ أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا إنكم لتقولون قولا عظيما ( 40 )} .
( الفاء ) لترتيب ما بعدها على ما قبلها أي ترتب على أنهم يقفون ما ليس لهم به علم أن ساروا وراء أوهام لم يبنوا علمهم على علم علموه ، ولكن على أوهام توهموها .
و ( الفاء ) مؤخرة عن تقديم ؛ لأن الاستفهام له الصدارة ، والاستفهام هنا إنكاري بمعنى النفي مع التوبيخ{ أفأصفاكم} ، أي اختار لكم الصفو الخالي من الشوب ، الذي لا يخالطه ضعف ، أي هل اختار لكم البنين واتخذ الملائكة إناثا ، وهذا يتضمن ادعاءين ادعوهما بأوهامهم:
الادعاء الأول:أنهم قالوا:إن الملائكة إناثا .
والادعاء الثاني:أنهم بنات الله تعالى ، وإنهم بذلك قد افتروا على الله تعالى أعظم الفرية ، وزينت لهم أوهامهم أعظم الباطل ، إذ جعلتهم في خبال ، ولذا قال تعالى:{ إنكم لتقولون قولا عظيما} ، أي عظيم في أنه بهتان عظيم ؛ لأن الله تعالى ليس من جنس الحوادث ،{ بديع السموات والأرض أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة . . .( 101 )} [ الأنعام] ، وإن الولد من صفة الحوادث ، والله سبحانه وتعالى منزه عن المشابهة بالحوادث ،{ قل هو الله أحد ( 1 ) الله الصمد ( 2 ) لم يلد ولم يولد ( 3 ) ولم يكن له كفوا أحد ( 4 )} [ الإخلاص] وقد أكد سبحانه أن هذا القول منهم عظيم أولا ب ( إن ) للتوكيد ، وثانيا ب ( لام ) التوكيد .