{عَصِيّاً}: الأصل في معناه: الامتناع ،والمراد به هنا: أنه كان رؤوفاً رحيماً بمعاملته مع الناس .
{وَبَرًّا بِواَلِدَيْهِ} في ما يعيشه من روحية البر ،وأخلاقية الإحسان التي تملأ قلبه شعوراً بالرحمة ،واعترافاً بجميل هذين الإنسانين اللذين كانا السبب في وجوده ،بإرادة الله ،والعنصر الأساس في عملية نموه وتكامله ،والقلب الكبير الذي أفاض عليه المحبة والخير والحنان ...وتلك هي الصفة الروحية الأخلاقية التي تجعل منه إنساناً منفتحاً على الآخرين في إنسانيته ،ومتحرراً من سجن الأنانية التي تحبس الإنسان في دائرة ذاته .
{وَلَمْ يَكُن جَبَّاراً عَصِيّاً} كما هي حال الكثيرين ممن يحتلون المواقع المتقدمة في المجتمع ؛إذ إن مواقعهم تلك تدفعهم إلى الشعور بالقوة المستعلية والجبروت المتكبر الذي لا يرون معه لأحد عليهم حقاً ،ويرون لأنفسهم كل الحق على الآخرين .بل هو ،على العكس من ذلك ،مجرد إنسان طيب متواضع يرى للناس الحق عليه في ما قد يراه لنفسه أو في ما لا يراه لها ،فيتعهدهم إلى مواقع الهدى والرشاد ،وبذلك لم يكن خلقه قاسياً عصياً ،بل كان رؤوفاً رحيماً ليناً في ما يصادفه من قضايا الناس وآلامهم ،وتلك هي روحية السلام الذي يمثل الأمن الروحي في حياته الفردية وفي حياته الاجتماعية ،في الدنيا والآخرة .