وقوله تعالى:{وَبَرّا بِوالِدَيْهِ} البر بالفتح هو فاعل البربالكسركثيراً أي وجعلناه كثير البر بوالديه ،أي محسناً إليهما ،لطيفاً بهما ،لين الجانب لهما .وقوله «وبراً » معطوف على قوله «تقياً » ،وقوله «ولم يكن جباراً عصياً » أي لم يكن مستكبراً عن طاعة ربه وطاعة والديه ،ولكنه كان مطيعاً لله ،متواضعاً لوالديه ،قاله ابن جرير .والجبار: هو كثير الجبر ،أي القهر للناس ،والظلم لهم .وكل متكبر على الناس يظلمهم: فهو جبار .وقد أطلق في القرآن على شديد البطش في قوله تعالى:{وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ 130} وعلى من يتكرر منه القتل في قوله:{أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْساً بِالأمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّاراً في الأرْضِ} الآية .والظاهر أن قوله: «عصياً » فعول قبلت فيه الواو ياء وأدغمت في الياء على القاعدة التصريفية المشهورة: التي عقدها ابن مالك في الخلاصة بقوله:
إن يسكن السابق من واو ويا *** واتصلا ومن عروض عريا
فياء الواو اقلبن مدغما *** وشذ معطى غير ما قد رسما
فأصل «عصياً » على هذا «عصوياً » كصبور ،أي كثير العصيان .ويحتمل أن يكون أصله فعيلاً وهي من صيغ المبالغة أيضاً ،قاله أبو حيان في البحر .