{أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ} فقد كانوا في الحياة الدنيا لا يسمعون ولا يبصرون ،لأنهم أغلقوا منافذ سمعهم وبصرهم عن العلم النافع الذي يقودهم إلى الحق والهدى ،ولكنهم الآن يسمعون كأفضل ما يكون السمع ،ويبصرون كأفضل ما يكون البصر ،{يَوْمَ يَأْتُونَنَا} فيشاهدون الحقيقة الناصعة دون أن يستطيعوا الهرب منها أو مواجهتها ،لأنها تفرض نفسها عليهم من كل جانب ،بعيداً عن النوازع الذاتية ،أو عن التصورات الخيالية التي تقودهم إلى الانحراف .لقد انتهت فرصة التراجع عن الضلال ،لأن الدنيا عمل ولا حساب ،والآخرة حساب ولا عمل ،فلا شيء ينفع بعد الآن ،ولا مجال للانطلاق من جديد إلى الخط المستقيم ،ولا للتخلُّص من مسؤولية الضلال ومن نتائجه العملية ،وساحاته الجهنمية التي تحتوي الضالين جميعاً في عذاب شديد .{لَكِنِ الظالمون الْيَوْمَ في ضَلالٍ مُّبِينٍ} وربما أُريد من الضلال العذاب تعبيراً عن الشيء بنتائجه ،والله العالم .