{وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً} الظاهر من الحصر في هذه الآية ،أن الناس جميعاً سَيَرِدُونَ النار ،ولكن اختلف المفسرون في معنى الورود ،هل هو الدخول ،أو هو المرور ،أو هو الحضور والإشراف عليها ؟وقد حاول كل فريق أن يؤيد كلامه ببعض الآيات القرآنية التي وردت فيها هذه الكلمة ،أو ببعض الروايات التي اختلفت في مفادها .وقد اعتبر البعض أنه لا وجه لدخول الطائعين النار ،ولذلك حاول أن يوجه المسألة تجاه كونها برداً وسلاماً على المؤمنين ،وتطهيراً للعصاة من ذنوبهم .
ولكن من الممكن أن يكون دخول النار غير ملازم للدخول في العذاب ،لأن النار لا تشمل كل مواقع العذاب ،ولهذا نجد أن خزنة النار موجودون فيها ،ولكنهم لا يصلون نارها ،ولا يذوقون عذابها .أما السبب في دخولهم إليها أو حضورهم فيها ،فقد يجلوه ما ذكره صاحب مجمع البيان ،حيث قال: «وقيل أن الفائدة في ذلك ما روي في بعض الأخبار أن الله تعالى لا يُدْخِلُ أحداً الجنة حتى يطلعه على النار وما فيها من العذاب ،ليعلم تمام فضل الله عليه وكمال لطفه وإحسانه إليه ،فيزداد لذلك فرحاً وسروراً بالجنة ونعيمها .ولا يَدْخُلُ أحدٌ النار حتى يطلعه على الجنة وما فيها من أنواع النعيم والثواب ،ليكون ذلك زيادة عقوبة له على ما فاته من الجنة ونعيمها » .
وربما يحتمل أن تكون هذه الآية مع الآية الأخرى بمثابة المستثنى والمستثنى منه ،فيطرح الحكم في الجملة الأولى على أساس عام ،ثم تأتي الجملة الثانية لتخرج المتقين من العموم ،وبذلك يكون الحكم في طبيعته الواقعية مختصاً بغيرهم .ولا بأس بهذا الاحتمال ،
لولا بعض الإشكال في طريقة استفادته من الآية الثانية{ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَواْ} ،