لمّا ذكر انتزاع الذين هم أولى بالنّار من بقية طوائف الكفر عطف عليه أنّ جميع طوائف الشرك يدخلون النار ،دفعاً لتوهم أنّ انتزاع من هو أشد على الرحمان عتياً هو قصارى ما ينال تلك الطوائف من العذاب ؛بأن يحسبوا أنّ كبراءهم يكونون فداء لهم من النّار أو نحو ذلك ،أي وذلك الانتزاع لا يصرف بقية الشيع عن النّار فإن الله أوجب على جميعهم النّار .
وهذه الجملة معترضة بين جملة{ فوربك لنحشرنهم}[ مريم: 68] الخ وجملة{ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا}[ مريم: 73] الخ ...
فالخطاب في{ وإن منكم} التفات عن الغيبة في قوله{ لنحشرنّهم ولنحضرنّهم}[ مريم: 68]؛عدل عن الغيبة إلى الخطاب ارتقاء في المواجهة بالتهديد حتى لا يبقى مجال للالتباس المراد من ضمير الغيبة فإن ضمير الخطاب أعرَف من ضمير الغيبة .ومقتضى الظاهر أن يقال: وإن منهم إلا واردها .وعن ابن عبّاس أنّه كان يقرأ{ وإن منهم} .وكذلك قرأ عِكرمة وجماعة .
فالمعنى: وما منكم أحد ممن نُزع من كلّ شيعة وغيرِه إلاّ واردُ جهنّم حتماً قضاه الله فلا مبدل لكلماته ،أي فلا تحسبوا أن تنفعكم شفاعتهم أو تمنعكم عزّة شِيعكم ،أو تُلقون التبعة على سادتكم وعظماء أهل ضلالكم ،أو يكونون فداء عنكم من النّار .وهذا نظير قوله تعالى:{ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين}[ الحجر: 42 ،43] ،أي الغاوين وغيرهم .
وحرف ( إنْ ) للنفي .
والورود: حقيقته الوصول إلى الماء للاستقاء .ويطلق على الوصول مطلقاً مجازاً شائعاً ،وأما إطلاق الورود على الدخول فلا يُعرف إلا أن يكون مجازاً غير مشهور فلا بد له من قرينة .