اللّه يقبل من التائبين توبتهم:
وقد جاءت الآية الثانية لتوحي للسائرين في هذا السبيل بالتراجع عن هذا الخطّ المنحرف وبالعودة إلى اللّه والتوبة عن هذا الخطأ الكبير ،وذلك بالسير من جديد في طريق الإبلاغ والدعوة والبيان ،ولتعرّفهم أنَّ اللّه يتقبل التائبين الصالحين المصلحين ،فيقبل توبتهم ويجزل ثوابهم على العمل الصالح الجديد ،لأنه التوّاب الذي لا يحرم أي تائب من قبول التوبة ،ولا يمنع أحداً من رحمته التي سبقت غضبه وأحاطت بكلّ شيء .
] إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ[ وأنابوا إلى اللّه ،وغيّروا ،وبدّلوا ،وبدأوا بحمل الرسالة والدعوة إليه تعالى ،] وَأَصْلَحُواْ[ أمرهم في سرّهم وعلانيتهم ،فكان الصلاح في النية والعمل هو الطابع الجديد للحياة التي يعيشونها ،] وَبَيَّنُواْ[ للنّاس الحقائق الإلهية التي كتموها وانطلقوا من جديد في خطوة تصحيحية ليكونوا الدعاة إلى اللّه ،الأدلاّء على دينه ،القادة إلى سبيله ،] فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ[ فأغفر لهم ما أسلفوه من الذنوب ،] وَأَنَا التَّوَّابُ[ على المذنبين] الرَّحِيمُ[ للخاطئين المنيبين .
المعرفة مسؤولية لا امتياز:
وهكذا نقف في هاتين الآيتين على أحد المبادىء الإسلامية التي تعتبر المعرفة مسؤولية وليست امتيازاً ،وتدعو النّاس إلى أن يخلصوا لهذه المسؤولية بالعمل على أن تتحرّك المعرفة في كلّ المجالات الإنسانية ،فلا إخفاء لحقيقة ولا كتمان لأيّ حقّ ،بل هو الوضوح الكامل من خلال الدعوة الشاملة ،واللّه العالم .