{وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى}: تناجوا سراً .
{فَتَنَازَعُواْ أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} بما أثاره موسى في مشاعرهم وأفكارهم من الخوف والقلق والحيرة ،لأنهم شعروا أن هذا الرجل ليس ساحراً ،لأن لغة السحرة ليست لغة فكر وهدى وإيمان ،بل هي لغة استعراضٍ للقوة ،واستهانة بالآخرين ،وشعور بالاستعلاء .ولهذا فقد دبَّ فيهم الخوف من صدق هذا الرجل ،ومن قوته الروحية الخفية التي لا تتحرك من حالة استعراض ذاتي ،وبدأ الخلاف بينهم ،ولكن قوماً منهم ،أو من خارجهم ،حاولوا أن يصرفوا المسألة عن الموقع الحقيقي للنزاع والخلاف ،وهو الإيمان بالله وحده ،والكفر بكل الآلهة المزيفة المدّعاة ،ليثيروا الجانب القومي أو الإقليمي الذي يربط الناس بالفئة الحاكمة من خلال الإيحاء بأنها هي التي تحمي للناس أرضهم ووجودهم فيها ،أمام الجهات التي تريد أن تلغي وجودهم في أرضهم وتصادر حريتهم .
وهكذا دبروا الفكرة بطريقة خفية ،{وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى} وأخفوها وطرحوا الشعار المثير الذي يستهوي القلب ،ويلهب المشاعر ،