{نُّؤْثِرَكَ}: الإيثار: الاختيار .
{قَالُواْ لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَآءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ} الواضحة التي تؤكد لنا الحقيقة من دون شك أو شبهة ،فكيف نتنكر لها ،ونتركها من دون أساس ؟وماذا تمثل أنت لنا أمام حقيقة الإيمان ؟وماذا تمثل طريقتك في الحياة ؟ما هي قيمك ؟وما هي شريعتك ؟وما هي مفاهيمك ؟هل تثبت بالمقارنة أمام قيم الإيمان وشرائعه ومفاهيمه ؟إن الحقيقة تفرض نفسها علينا ،وهي أن شريعة الله هي الشريعة الحقّة ،وأن شريعة البشر هي شريعة الباطل ،ولن نؤثر الباطل على الحق مهما كانت الإغراءات ،ومهما كانت التهديدات ،ولن نؤثرك على الله رَّبنا{وَالَّذِي فَطَرَنَا} وخلقنا وأوجدنا ،وما زال يرعى حياتنا بنعمه ولطفه ورحمته ..،فمن أنت أمام الله ؟وما حجمك وما قيمتك ؟وما هي قوتك ؟وما دورك بالنسبة إلينا وإلى بقية الناس ،ليكون لك علينا وعلى الناس حق الطاعة ؟من أنت ؟إنك مجرد مخلوق ضعيف لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً ولا حياة ولا موتاً إلا بالله .وما قدرتك ؟ومن أين لك كل هذه الإمكانات والوسائل ؟إنها من الله .فقد أعطاك إياها لحكمة ،وسيسلبك إياها في أي وقت .فماذا تريد وماذا تستطيع أن تفعل ؟إنك قد تملك السيطرة الغاشمة على أجسادنا ،ولكنك لن تملك السلطة على أفكارنا وأرواحنا ومشاعرنا التي ترفضك وترفض كل طريقتك وكل الواقع المنحرف الكافر الذي تتحرك فيه وتتحكم به ،{فَاقْضِ مَآ أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيَآ} هل تريد أن تقتلنا ،هل عندك أكثر من التمثيل والصلب والقتل ؟إننا لن نخسر الكثير ،إنها حياتنا الدنيا نفقدها ،ونفقد شهواتها ومنافعها وملذاتها ،ونخسرها ،ولكنها لن تكون الخسارة الكبيرة ،فهناك الدار الآخرة التي تنتظر المؤمنين ،لهم فيها رحمة الله في ما أعد لهم من نعيم الجنة وسعادة الرضوان .