{لَن نَّبْرَحَ}: لن نزال .
{عَاكِفِينَ}: مقيمين ،ملازمين .
{قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى} لأننا لا نركن إلا إليه ،فهو النبي الأصيل الذي حمل الرسالة ،وقاد المعركة ،وتحمّل المسؤولية ،أما أنت ،فإنك مجرد شريك ووزير مساعد تابع ،ولكنك لا تستقبل الوحي كما يستقبله ،ولا تملك من الأمر ما يملكه ،ولذلك لم يكن لك أي دور في حركة الصراع مع فرعون إلا من خلال حضورك السلبي مع موسى ،فاتْرُك الأمر لموسى ليتدبره معنا ،ولنتدبره معه ريثما يعود .
ولم يقصِّر هارون في الدعوة والإرشاد ،ولكنه لم يكن عنيفاً معهم كما كان أسلوب موسى القائم على العنف والشدة ،لأنهم اعتادوا ،في ما يبدو ،على أن يطيعوا الأوامر الصادرة إليهم من القوي في حسابات الرهبة المرتكزة على مواقع القوة ومركز السلطة .ولم يركزوا حياتهم على أساس الفكر والتحليل والتأمُّل ،فهم أقرب إلى المجتمع الذي ينفذ التعليمات من المجتمع الذي يحلل الأفكار والمواقف ،تماماً ككل الشعوب التي تعيش مدة طويلة تحت الحكم الظالم الطاغي الذي يربّيها على أساس الطاعة المنفعلة بالسوط الذي يسلطه على رؤوسهم ،والضغط الذي يمارسه على وجودهم .وكان موسى ينتظر من هارون أن يكون حاسماً في مثل هذه المسائل ،لأن المسألة لا تتصل بالقضايا الجزئية الإجرائية ،بل تتصل بالقاعدة التي ترتكز عليها الرسالة في مفاهيمها الأصيلة الأولى ؛ولهذا فقد كان رد فعله تجاه أخيه قاسياً .