{الْفُرْقَانَ}: التوراة ،وسميت التوراة بالفرقان لكونها يفرق بها بين الحق والباطل .
وهكذا أكدت الآيات السابقة مفهوم النبوة في قاعدته الإنسانية المطلة على الغيب من خلال الوحي النازل من الله على البشر الذين اصطفاهم لرسالته ،من أجل أن تتفاعل النبوة بقيمها التي يجسدها النبي( ص ) في حياة الناس ،في خط الدعوة التي تحول المؤمنين إلى دعاة للرسالة ،وفي خط الممارسة التي تثير فيهم رسالية الفكر والكلمة والحركة والمنهج ،لتعيش الحياة النبوية في حركة التفاعل بين النبي وقاعدته .وأثارت الكثير من الحديث حول النتائج الإيجابية والسلبية التي تتصل بالمؤمنين والكافرين ،كما حاورت الكافرين في الجوانب المتصلة بالشرك وباليوم الآخر .وجاء دور الحديث عن الأنبياء في حركة التاريخ في الدعوة وفي الواقع ،بين إجمال وتفصيل تبعاً للنقاط التي يريد القرآن إثارتها في هذه السورة .
{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} وهي التوراة التي كانت أوّل كتاب سماوي شامل في العقيدة وفي الشريعة ،لتكون الفارق بين الحق والباطل ،{وَضِيَآءً} ينير الدرب للسالكين في حركة الفكر والحياة ،{وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ} في ما يريد أن يثيره في وجدانهم الروحي من عناصر الوعي التي تبتعد بهم عن الغفلة ،أو تفتح قلوبهم على الحقيقة لتذكرهم ما قد نسوه ،لتوجههم إلى ما أغفلوه ،لأن هؤلاء ليسوا من النماذج الغارقة في عالم الحس ،الغائبة عن آفاق الله ،