{وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} الذي وعد الله به عباده ،فصدقهم وعده ،وهو يوم القيامة ،{فَإِذَا هِي شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} لا تطرف ولا تتحرك ،فهي معلقة بالمشهد المرعب الذي يواجههم بالمصير المحتوم الذي ينتظرونه ،في عملية انشداد ومتابعة للنتائج السلبية التي تصيب المنحرفين عن الله ،والمتمردين عليه ،أمام النتائج الإيجابية التي يحصل عليها المستقيمون على الخط ،والمطيعون لله ،ويراقبون حركة الموقع الجديد الذي يقفون فيه ،وذلك في ما يشبه المفاجأة غير المنتظرة ،التي تدفع الإنسان إلى الحيرة والذهول الذي يأخذ عليه بصره ،فلا يملك أن يطرف برمشة جفن ،وهكذا يأخذهم الموقف الصعب ،فيقولون ،في ما يشبه الصراخ المذعور:{يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا} حيث كانت تشغلنا عن الله أمور الدنيا ،في شهواتها ولذائذها ،وزخارفها ومباهجها ..،ما جعلنا نفتقد الرؤية الواضحة للأشياء ،فلا نفكر بالمستقبل بطريقة واقعية ،ولا ننتبه إلى الموت وما بعده ،مما كان يحدثنا عنه الأنبياء والرسل ،في ما يمكن أن نواجهه من ثواب أو عقاب إذا أخذنا بالطاعة في أقوالنا وأفعالنا ،أو بالمعصية في ذلك كله ،فإن ذلك إذا لم يصل بنا إلى اليقين على مستوى الحقيقة ،فلا أقل من أن يدفعنا إلى الاحتمال الذي يفرض الحذر في التعامل مع المسألة على أساس النتائج المحتملة ،لا سيما إذا كانت تتصل بالمصير المحتوم النهائي لوجودنا كله ،ولكنها الغفلة واللامبالاة ،وفقدان الجدية في حركة الحياة ،والبعد عن مواجهة الأمور بمسؤولية هو الذي أوصلنا إلى ما وصلنا إليه الآن ،{بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ} فقد ظلمنا أنفسنا بالكفر وبالمعصية ،لأننا اخترنا الغفلة باختيارنا المنهج الأعوج الذي قادنا إلى ذلك كله .