{وَالشُّعَرَآءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} الذين يبحثون عن الخيالات البعيدة عن الواقع والأوهام التي تهرب من الحقائق ،ويتحركون في مواقع الغيّ بعيداً عن ساحة الرشد ،ويستمرون مع الجوّ ما دام رائقاً ومنسجماً مع أوضاعهم النفسية ومصالحهم المادية ،فإذا اقترب الخطر منهم وتعقَّدت الأمور في ساحاتهم وشعروا بالمشاكل الصعبة تتحداهم ،هربوا وابتعدوا عن الشعر والشعراء ليحصلوا على السلامة .
ولكن محمداًفي رسالتهيتبعه المؤمنون المخلصون الذين آمنوا بالله وبرسله وباليوم الآخر ،واتبعوا النبي محمداً( ص ) لما في رسالته من عمق روحي ورسالي يتعالى بالحياة ،حتى إذا ما واجهتهم أخطارها ،لتهزم فكرهم وروحهم وموقفهم القويّ أمام الحق ،يثبتون ويصمدون ،ويواجهون الأخطار بروحية الإنسان الذي يعيش الشهادة في حياته ،ويتحرك مع عقلية الشهادة وروحيتها في إقباله على الموت .
مناقشة اتهام النبي بالشعر
وتقولون إنه شاعر ،كهؤلاء الشعراء الذين يتحركون في الساحة ،ليمدحوا هذا ويذمّوا ذاك ،ويحسّنوا صورةً هنا ويقبّحوا صورةً هناك ،وليثيروا الأوهام والخيالات على حساب الحقائق ،وتتحدثون عن أسلوب القرآن أنه شعر أو يشبه الشعر لتبتعدوا به عن طبيعته القرآنية المنطلقة من عمق الوحي الإلهيّ ،ولكن ،هل رأيتم ملامح الشاعر في روحيته ووجدانه وصدقه وصفاء روحه وإشراقة فكره وانفتاح قلبه على الخير والرحمة والحق ؟هل تمثلتم في شخصيته الملائكية شخصية الشاعر الذي يلوّن الكلمة بألوان الباطل ،ويغذيها بأكاذيب المضمون غير الواقعي ؟ألا ترون بعداً كبيراً بين هذه الشخصية الرحبة التي عاشت آفاق السموّ مع الله وانفتحت على الخير كله في حياة الإنسان ،وبين الشخصية المعروفة في مجتمع الشعراء الغارقة في أوحال الشهوات ،الغائبة في سكرات الخمر ،المتحركة مع أطماع الذات في أموال الآخرين وامتيازاتهم ؟حدّقوا في المسألة جيّداً لتعرفوا حقَّ الحديث من باطله .