{أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُون} فليس لهم قاعدة ينطلقون منها ،ولا موقع ثابت يقفون عليه ،ولا أفق واحد يتطلّعون إليه ،فهم يتحركون مع الرياح القادمة من هنا وهناك ،فيميلون معها حيث تميل ،ويقصدون في كل يوم أرضاً جديدة ،ويهيمون في وادٍ جديدٍ تبعاً للأطماع والمصالح والشهوات ،فهم ،من خلال ذلك ،أتباع الظلمة من الملوك والجبابرة ،لأنهم يملكون المال الذي يسيرون خلفه ،ويحتوون الجاه الذي يتطلعون إليه ،فمن يدفع لهم أكثر فمدحهم له أفضل ؛وهكذا كانت الكلمة تابعة للهوى .
أمَّا الرسول ،فإنه ينطلق من موقع الحق الذي لا يتغيَّر ،مهما تغيرت الرياح ،فهو يعمل على أن يصنع الرياح في اتجاه فكره بدلاً من أن يحركه في اتجاه حركة الريح من حوله .